فَحَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ وَجَدْت مَا أَسْلَفْت فِيهِ وَإِلَّا فَخُذْ عِوَضًا بِأَنْقَصَ مِنْهُ. وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ} قَالَ: وَلَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي " مُغْنِيهِ ". لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ الخرقي: وَبَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بَيْعُ الْمُسْلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُعْلَمُ فِي تَحْرِيمِهِ خِلَافٌ. فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِحَسَبِ مَا عَلِمَهُ؛ وَإِلَّا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَسْلِفِ كَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ سَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضًا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَحْمَد نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَى بَيْعِ دَيْنِ السَّلَمِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا مَنْصُوصٌ عَنْ أَحْمَد فِي أَجْوِبَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَجْوِبَتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَد؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَيْنَ السَّلَمِ مَبِيعٌ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ وَفِي ضَمَانِ ذَلِكَ فَالشَّافِعِيُّ يَمْنَعُهُ مُطْلَقًا وَيَقُولُ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ أَحْمَد. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُهُ إلَّا فِي الْعَقَارِ وَيَقُولُ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. وَهَؤُلَاءِ يُعَلِّلُونَ الْمَنْعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute