كَمَا بَيَّنَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا. وَمَنْ سَمَّى الْمُعَامَلَةَ بِبَذْرِ مِنْ الْمَالِكِ مُزَارَعَةً وَمِنْ الْعَامِلِ مُخَابَرَةً: فَهُوَ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ بِمَنْزِلَةِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّاهَا هَؤُلَاءِ وَآبَاؤُهُمْ لَمْ يُنْزِلْ اللَّهُ بِهَا سُلْطَانًا. فَإِنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ عَلَى أَنْ يُعَمِّرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} . وَالْمُخَابَرَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا بَذْرٌ مِنْ الْعَامِلِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُشَارَكَةِ الَّتِي هِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ إذَا اشْتَرَطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِيهَا زَرْعَ مَكَانٍ بِعَيْنِهِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ - وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ - أَنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ إذَا نَظَرَ فِيهِ ذُو الْبَصَرِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ أَوْ كَمَا قَالَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ وَالْمُعَامَلَةَ تَقْتَضِي الْعَدْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلَ مَالِهِ فَإِذَا اُشْتُرِطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعٌ مُعَيَّنٌ كَانَ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَسْلَمُ غَيْرُهُ فَيَكُونُ ظُلْمًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مِنْ الْغَرَرِ وَالْقِمَارِ أَيْضًا. فَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ وَمَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ لِأَحَدِهِمَا ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا وَلَا مِقْدَارًا مَحْدُودًا مِنْ الثَّمَرِ وَكَذَلِكَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute