للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ لَا يُسْرِفُ إسْرَافَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَائِلِينَ إلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ؛ بَلْ تَجِدُ فِي الطَّوَائِفِ مِنْ زِيَادَةِ النَّفْيِ الْبَاطِلِ وَالْإِثْبَاتِ الْبَاطِلِ مَا لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي الْحَنْبَلِيَّةِ. وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاعْتِدَاءُ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِمْ مِمَّا دَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا حُدُودَ اللَّهِ بِزِيَادَةِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إذْ أَصْلُ السُّنَّةِ مَبْنَاهَا عَلَى الِاقْتِصَادِ وَالِاعْتِدَالِ دُونَ الْبَغْيِ وَالِاعْتِدَاءِ. وَكَانَ عِلْمُ " الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَتْبَاعِهِ " لَهُ مِنْ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِمَّنْ لَهُ بِالسُّنَّةِ وَأَهْلِهَا نَوْعُ إلْمَامٍ وَأَمَّا أَهْلُ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ: الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الرَّسُولَ وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ صَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَبَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمَكْذُوبَةِ وَالْآرَاءِ الْمُضْطَرِبَةِ: فَأُولَئِكَ جَاهِلُونَ قَدْرَ الرَّسُولِ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ نَطَقَ بِفَضْلِهِمْ الْقُرْآنُ فَهُمْ بِمَقَادِيرِ الْأَئِمَّةِ الْمُخَالِفِينَ لِهَؤُلَاءِ أَوْلَى أَنْ يَكُونُوا جَاهِلِينَ إذْ كَانُوا أَشْبَهَ بِمَنْ شَاقَّ الرَّسُولَ وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ إلَى الْكُفْرِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ: تَجِدُ أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ فِي " أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ " بِكَلَامِ مَنْ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا سَمِعَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَلَا عَرَفَ حَالَ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمَا أُوتُوهُ مِنْ كَمَالِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَلَا عَرَفَ مِمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مَا يَدُلُّهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ.