للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُخَابَرَةِ كَمَالِكِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُخَابَرَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا كَمَا فَسَّرَهَا بِهِ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ إذَا نَظَرَ فِيهِ ذُو الْبَصِيرَةِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَلِمَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَة وَغَيْرِهِمْ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ دَاخِلَةً فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِي كِتَابِهِ الرِّبَا وَالْمَيْسِرَ وَحَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الْغَرَرِ فَإِنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمَيْسِرِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ. وَحَرَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الرِّبَا. فَصَارَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَظُنُّونَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَامِّ أَوْ عِلَّتُهُ الْعَامَّةُ أَشْيَاءُ وَهِيَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي ذَلِكَ. كَمَا أَدَخَلَ بَعْضُهُمْ ضَمَانَ الْبَسَاتِينِ حَوْلًا كَامِلًا أَوْ أَحْوَالًا لِمَنْ يَسْقِيهَا وَيَخْدِمُهَا حَتَّى تُثْمِرَ فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَحَرَّمُوهُ؛ وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ: كَإِجَارَةِ الْأَرْضِ. فَلَمَّا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ وَجَوَّزَ إجَارَةَ الْأَرْضِ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا حَتَّى تُنْبِتَ. وَكَذَلِكَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَمْ يَنْهَ أَنْ تُضْمَنَ لِمَنْ يَخْدِمُهَا حَتَّى تُثْمِرَ وَيَحْصُلُ الثَّمَرُ بِخِدْمَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَبَائِعُ الثَّمَرِ