فِي الْعَقْدِ لَيْسَ مِمَّا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ بَلْ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا أَوْجَبَا فِي الْعَقْدِ. وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ نَخْلًا لَمْ تُؤَبَّرْ كَانَ الثَّمَرُ لِلْبَائِعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَد كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَدْخُلَ لِأَجْلِ ثَمَرِهِ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُنَافِي الْقَبْضَ التَّامَّ: فَلَوْ بَاعَ أَمَةً مُزَوَّجَةً كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ عَلَى مِلْكِ الزَّوْجِ لَمْ تَدْخُلْ فِيمَا يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ فَلِهَذَا صَحَّ عِنْدَ طَوَائِفَ مِنْهُمْ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. كَمَا اقْتَضَى حَدِيثُ. . . (١) كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَلِهَذَا لَوْ أُقْبِضَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ كَانَتْ فِي الْمَنْفَعَةِ مَعَ خَرَاجِ تَصَرُّفِ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا بَاقِيَةٌ عَلَى ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ فَلَوْ تَلِفَتْ بِآفَةِ سَمَاوِيَّةٍ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا فِي بَيْعِ الثِّمَارِ إذَا أَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَحْرِمُ مِنْ الْعُقُودِ إلَّا مَا حَرَّمَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ أَوْ قِيَاسٌ فِي مَعْنَى مَا دَلَّ عَلَى النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَكُلُّ ذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَبْقَى لِصَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا تَبْقَى لَوْ لَمْ يُؤَجِّرْ الْأَرْضَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(١) سقط بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute