الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَهْدِ نَبِيِّهِمْ وَإِلَى الْيَوْمِ. وَمَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعٌ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الصِّيغَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ وُجُودِ هَذَا الِاعْتِقَادِ أَنْ يُسَلِّمَ مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِعَقْدِ صَحِيحٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يُجَوِّزُهَا الْجُمْهُورُ بِدُونِ اللَّفْظِ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجَوِّزُهَا إلَّا بِاللَّفْظِ: يَجِبُ فِيهَا عَلَى كُلِّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ؛ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا لَهُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ فِيهَا عَلَيْهِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ جَارًا اسْتَحَقَّ شُفْعَةَ الْجِوَارِ وَإِذَا كَانَ مُشْتَرِيًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجَارِ. أَوْ إذَا كَانَ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ - فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشْرِكَةِ الحمارية - يَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ وَإِذَا كَانَ هُوَ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ اسْتَحَقَّ مُشَارَكَةَ وَلَدِ الْأُمِّ وَإِذَا كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي قُضِيَ لَهُ بِرَدِّ الْيَمِينِ وَإِذَا كَانَ هُوَ الطَّالِبَ حُكِمَ لَهُ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ. فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ فِي مَسْأَلَةِ نِزَاعِ مِثْلِ هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنَّ مَضْمُونَ هَذَا أَنْ يُحَلِّلَ لِنَفْسِهِ مَا يُحَرِّمُهُ عَلَى مِثْلِهِ وَيُحَرِّمَ عَلَى مِثْلِهِ مَا يُحَلِّلُهُ لِنَفْسِهِ وَيُوجِبَ عَلَى غَيْرِهِ - الَّذِي هُوَ مِثْلُهُ - مَا لَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيُوجِبَ لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَا يُوجِبُهُ لِمِثْلِهِ. وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ بَلْ وَمِنْ كُلِّ دِينٍ؛ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ وَمَنْ اعْتَقَدَ جَوَازَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ؛ بَلْ مَنْ اعْتَقَدَ صِحَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute