الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ اللَّبَنُ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ: فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَهَؤُلَاءِ قَدْ يُسَمُّونَ إجَارَةَ الظِّئْرِ لِلرِّضَاعِ تَبَعًا لِلَّبَنِ؛ لِأَنَّ الظِّئْرَ تَبِعَ اللَّبَنَ الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ هُوَ مِنْ بَابِ الْبُيُوعِ وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ؛ فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْبَيْعِ الْعَامِّ الْمُتَنَاوِلِ لِلْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ وَالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْبَيْعِ الْخَاصِّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ مِنْ الْأَعْيَانِ. وَكَذَلِكَ السَّلَفُ تَنَازَعُوا: هَلْ هُوَ مِنْ الْبَيْعِ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَهَلْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ سَلَفًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. حَتَّى قَالَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ بَيْعًا: إنَّ السَّلَفَ الْحَالَّ يَجُوزُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؛ دُونَ لَفْظِ السَّلَمِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعُقُودَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَانِيهَا لَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ. وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَسْئُولَ عَنْهَا جَائِزَة؛ فَإِنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْجَوَازِ بِعِوَضِهَا وَمُقَايَسَتِهَا تَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَلَيْسَ مِنْ الْأَدِلَّةِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ إجَارَةَ الظِّئْرِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ كَلَامٌ فَاسِدٌ. فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إجَارَةٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي شَرِيعَتِنَا إلَّا هَذِهِ الْإِجَارَةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute