للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِبَادَةً: كَالصِّنَاعَاتِ الَّتِي تُعْمَلُ بِالْأُجْرَةِ. فَمَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ قَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ. كَمَا لَا يَجُوزُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَالِاسْتِئْجَارُ يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ. وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّهُ نَفْعٌ يَصِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ: كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ. قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ لَا عِبَادَةَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ فَيَجُوزُ إيقَاعُهَا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُحْتَاجِ وَغَيْرِهِ - وَهُوَ أَقْرَبُ - قَالَ: الْمُحْتَاجُ إذَا اكْتَسَبَ بِهَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَنْوِيَ عَمَلَهَا لِلَّهِ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْعِبَادَةِ؛ فَإِنَّ الْكَسْبَ عَلَى الْعِيَالِ وَاجِبٌ أَيْضًا فَيُؤَدِّي الْوَاجِبَاتِ بِهَذَا؛ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَسْبِ فَلَا حَاجَةَ تَدْعُوهُ أَنْ يَعْمَلَهَا لِغَيْرِ اللَّهِ؛ بَلْ إذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَغْنَاهُ وَهَذَا فُرِضَ عَلَى الْكِفَايَةِ: كَانَ هُوَ مُخَاطَبًا بِهِ وَإِذَا لَمْ يَقُمْ إلَّا بِهِ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ عَيْنًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.