السَّادِسُ: أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ إجَارَةِ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ فَقَالَ: أَجَمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخْعِيُّ وَمَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٍ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَبِهِ نَقُولُ. فَإِذَا كَانَ قَدْ ذَكَرَ إجْمَاعَ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ إجَارَةِ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ. وَالْغِنَاءُ لِلنِّسَاءِ فِي الْعُرْسِ وَالْفَرَحِ جَائِزٌ. وَهُوَ لِلرَّجُلِ إمَّا مُحَرَّمٌ؛ وَإِمَّا مَكْرُوهٌ. وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ بَعْضُهُمْ فَكَيْفَ بالشبابة الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ؛ لَا فِي الْعُرْسِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُبِيحُهَا مَنْ لَيْسَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الدِّينِ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: لَوْ أَعْطَيْته لِأَجْلِ تَشْبِيبِهِ لَكَانَ جَائِزًا. قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِمَذَاهِبِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَوْ كَانَ التَّشْبِيبُ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُبَاحِ فَكَيْفَ وَهُوَ مِنْ الْبَاطِلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهَذَا يَظْهَرُ " بِالْوَجْهِ السَّابِعِ ": وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ إعْطَاءُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا سَبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ} فَقَدْ نَهَى عَنْ السَّبْقِ فِي غَيْرِ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute