للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ} وَمِثْلَ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إنَّ ابْنِي اشْتَرَى ثَمَرَةً مِنْ فُلَانٍ فَأَذْهَبَتْهَا الْجَائِحَةُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فَتَأَلَّى أَلَّا يَفْعَلَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلُ خَيْرًا} . وَلَا دَلَالَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَكَلَامٌ مُجْمَلٌ فَإِنَّهُ حَكَى أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى ثِمَارًا فَكَثُرَتْ دُيُونُهُ فَيُمْكِنُ أَنَّ السِّعْرَ كَانَ رَخِيصًا فَكَثُرَ دَيْنُهُ لِذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاحِ أَوْ حَوْزِهَا إلَى الْجَرِينِ أَوْ إلَى الْبَيْتِ أَوْ السُّوقِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ نَهْيِهِ أَنْ تُبَاعَ الثِّمَارُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا كَانَ مُخَالِفًا لَكَانَ مَنْسُوخًا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ وَذَاكَ نَاقِلٌ عَنْهُ وَفِيهِ سُنَّةٌ جَدِيدَةٌ فَلَوْ خُولِفَتْ لَوَقَعَ التَّغْيِيرُ مَرَّتَيْنِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَأَلَّى أَلَّا يَفْعَلَ خَيْرًا} وَالْخَيْرُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الْخَصْمِ وَحُضُورِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ وَلَعَلَّ التَّلَفَ كَانَ بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاحِ. وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى حَدِيثِ الْجَوَائِحِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ. وَهَذَا بَاطِلٌ لِعِدَّةِ أَوْجُهٍ.