للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلثَّمَرِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ هُنَا هُوَ الَّذِي يَسْقِي الشَّجَرَ وَيَزْرَعُ الْأَرْضَ فَهُوَ فِي الشَّجَرِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَرْضِ. وَالْمُبْتَاعُ لِلثَّمَرِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي لِلزَّرْعِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَلِأَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبَلَ حَدِيقَةَ أسيد بْنِ الحضير ثَلَاثَ سِنِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَخَذَ الْقَبَالَةَ فَوَفَّى بِهَا دَيْنَهُ. رَوَاهُ حَرْبٌ الكرماني فِي مَسَائِلِهِ وَأَبُو زَرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ. وَلِأَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْخَرَاجَ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا شَجَرُ نَخْلٍ وَعِنَبٍ وَجَعَلَ لِلْأَرْضِ قِسْطًا وَلِلشَّجَرِ قِسْطًا. وَذَلِكَ إجَارَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يُنَازِعُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ضَمَانٌ لِأَرْضِ وَشَجَرٍ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي " الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ". وَالْغَرَضُ هُنَا " مَسْأَلَةُ وَضْعِ الْجَوَائِحِ " فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ هَذَا الْعَقْدُ فَكَيْفَ الطَّرِيقُ فِي الْمُعَامَلَةِ؟ قِيلَ: إنَّهُ يُؤَجِّرُ الْأَرْضَ وَيُسَاقِي عَلَى الشَّجَرِ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي كِتَابِ " إبْطَالِ الْحِيَلِ " وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ إبْطَالُ هَذِهِ الْحِيلَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَرَّرْنَا فِي " كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ " فَسَادَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. مِنْهَا أَنَّهُ إنْ جَعَلَ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ شَرْطًا فِي الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ عَقَدَهُمَا عَقْدَيْنِ مُفْرَدَيْنِ لَمْ تَجُزْ لَهُ هَذِهِ الْمُحَابَاةُ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ؛ كَالْوَقْفِ