للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَكِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ غَلِطَ فِي مَعْرِفَةِ مَذْهَبِهِ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأَرْضِ الَّتِي يَنَالُهَا الْمَاءُ فِي أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ. وَالْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ إلَّا نَادِرًا كَالْأَرَاضِيِ الَّتِي تَشْرَبُ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ. ثُمَّ هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي صَحَّتْ إجَارَتُهَا إنْ شَمِلَهَا الرَّيُّ وَأَمْكَنَ الزَّرْعُ الْمُعْتَادُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ. وَإِنْ لَمْ يَرْوِ مِنْهَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ. وَإِنْ رُوِيَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ وَجَبَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا رُوِيَ. وَمَنْ أَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْإِجَارَةِ وَطَالَبَهُ بِالْأُجْرَةِ إذَا لَمْ تُرْوَ الْأَرْضُ فَقَدْ خَالَفَ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: أجرتكها مَقِيلًا وَمَرَاحًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ قَبْلَ رَيِّ الْأَرْضِ وَاَلَّذِي فَعَلُوهُ مِنْ إجَارَتِهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَا تَصْلُحُ مَقِيلًا وَمَرَاحًا؛ فَإِنَّ الْمَاشِيَةَ لَا تَرُوحُ وَتَقِيلُ إلَّا بِأَرْضِ تُقِيمُ بِهَا فِي الْعَادَةِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ بِقُرْبِ مَا تَرْعَاهُ وَتَشْرَبُ مِنْهُ فَأَمَّا الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ وَلَا زَرْعٌ وَلَا عِمَارَةٌ فَلَا تَصْلُحُ مَقِيلًا وَمَرَاحًا وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ بِمَنْفَعَةِ لَيْسَتْ فِيهَا إجَارَةٌ بَاطِلَةٌ. الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ إنْ كَانَتْ حَاصِلَةً فَهِيَ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فِي