يَلْزَمُهُمْ الْقِيَامُ بِمَا رُوِيَ مِنْ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ خَاصَّةً؟ أَوْ يَلْزَمُهُمْ الْقِيَامُ بِمَا شَرَقَ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ وَلَمْ يُعَايِنُوهُ؟
فَأَجَابَ:
إذَا لَمْ يَرَهَا وَلَمْ تُوصَفْ لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ صَحَّحَهَا أَثْبَتَ لَهُمْ الْخِيَارَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ وُصِفَتْ بِوَصْفِ بِأَنَّهَا تُرْوَى كُلَّ عَامٍ فَلَمْ تُرْوَ فَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا وُجِدَتْ بِخِلَافِ الصِّفَةِ وَالشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ لَهُمْ. وَلَوْ أَجَّرَهُمْ إجَارَةً مُطْلَقَةً فَرُوِيَ بَعْضُهَا وَلَمْ يُرْوَ بَعْضٌ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يُرْوَ. وَلَوْ ذَكَرَ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهَا مَقِيلٌ وَمَرَاحٌ فَإِنَّ إجَارَةَ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا تُرْوَى لِلْمَقِيلِ وَالْمَرَاحِ بَاطِلَةٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُرْوَى لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا فَإِنَّهَا كَسَائِرِ الْبَرِيَّةِ الَّتِي لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا مَاءَ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ لَا تَتَقَوَّمُ وَلَا قُدِّرَ لَهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فَكَيْفَ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ. وَإِذَا كَانَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَوْ لَا قِيمَةَ لِنَفْعِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ. فَكَذَلِكَ إجَارَةُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ لِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَلَا قِيمَةَ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ صَحَّحَ الْحِيَلَ وَلَيْسَ يُبْطِلُهَا؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالزَّرْعِ وَإِظْهَارُ مَا سِوَى ذَلِكَ كَذِبٌ وَخِدَاعٌ. وَإِجَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي تُرْوَى غَالِبًا قَبْلَ الرَّيِّ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَأَمَّا مَا تُرْوَى أَحْيَانًا فَفِيهِ نِزَاعٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute