وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ الْعَرَبِ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُقَاصَّ مِنْ الْقَتْلَى: الْحُرُّ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْحُرِّ مِنْ هَؤُلَاءِ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى. ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} . يَقُولُ: إنْ فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ فَلْيُؤَدِّهِ إلَيْهِمْ بِمَعْرُوفِ والتتبعة الْأُخْرَى أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ بِإِحْسَانِ وَالِاتِّبَاعُ هُوَ الْمُطَالَبَةُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ} . وَهَذَا لِأَنَّ الطَّوَائِفَ الْمُمْتَنِعَةَ الَّتِي يُعِينُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ يَكُونُ الضَّمَانُ فِيهَا عَلَى الَّذِي يُبَاشِرُ الْقِتَالَ وَالْأَخْذَ وَالْإِتْلَافَ وَعَلَى الرَّدْءِ الَّذِي يُعِينُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَلِهَذَا كَانَ فِي مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ يُقْتَلُ مِنْهُمْ الرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ. وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ رَبِيئَةَ الْمُحَارِبِينَ وَهُوَ النَّاظِرُ الَّذِي يَنْظُرُ لَهُمْ الطَّرِيقَ. فالمتعاونون عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْعُقُوبَةُ بِالضَّمَانِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ إنَّ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْن عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَرِيَاسَةٍ تَضْمَنُ كُلُّ طَائِفَةٍ مَا أَتْلَفَتْ لِلْأُخْرَى مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute