للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ: مِثْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ بَعْضَ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَمِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ ظُلْمَ أَقْوَامٍ فَيُعْطُوهُ مَا يَنْكَفُّ بِهِ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَمِثْلَ أَنْ يَحْمِيَ بَعْضَ النَّاسِ عَنْ مُسَاوَاةِ نُظَرَائِهِمْ فِيمَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ لِيُعْطُوهُ رِشْوَةً وَمِثْلَ أَنْ يَظْلِمَ فِي حُكْمِهِ أَوْ يَعْدِلَ بِرِشْوَةِ يَأْخُذُهَا وَمِثْلَ أَنْ يَغْصِبَ مَالَ قَوْمٍ بِافْتِرَاءِ يَفْتَرِيهِ عَلَيْهِمْ وَمِثْلَ أَنْ يُهْدِرَ دِمَاءَ الْمَقْتُولِينَ بِرِشْوَةِ مِنْ الْقَاتِلِينَ. فَهَذِهِ الْأَمْوَالُ وَنَحْوُهَا هِيَ مُسْتَحَقَّةٌ لِأَصْحَابِهَا. كَاللِّصِّ الَّذِي يَسْرِقُ أَمْوَالًا وَيَخْلِطُ بَعْضَهَا بِبَعْضِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَى أَصْحَابِهَا؛ بَلْ يَقْتَسِمُونَ الْأَمْوَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَالِ الرَّجُلِ لِكَوْنِهِ بَاعَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَعِوَضُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَمَنْ اكْتَسَبَ بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ بِتِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَقِيلَ: الرِّبْحُ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ. وَقِيلَ لَهُ: إذَا اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ. وَقِيلَ: بَلْ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ خَبِيثٌ. وَقِيلَ: بَلْ يُقَسَّمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ كَالْمُضَارَبَةِ. كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَالِ الَّذِي أَقَرَضَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لِابْنَيْهِ دُونَ الْعَسْكَرِ. وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَهْلُ الْأَمْوَالِ يَقْتَسِمُونَ مَا وَجَدُوهُ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إمَّا عَيْنُ أَمْوَالِهِمْ وَإِمَّا وَفَاءُ دُيُونِهِمْ الثَّابِتَةِ فِي ذِمَّتِهِ؛ بَلْ الْحَقُّ أَنَّ حُقُوقَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا بِذِمَّتِهِ وَبِالْأَمْوَالِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَ مَا غَصَبَهُ وَلَا أَعْيَانَ الْغُرَمَاءِ كُلِّهِمْ: فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ مِنْ هَذِهِ