كَانَتْ ضَيِّقَةً تَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ وَصُنِعَ شَيْءٌ فِيهَا مُنِعُوا وَلَمْ يُمَكَّنُوا. وَأَمَّا كُلُّ فَنَاءٍ إذَا انْتَفَعَ بِهِ أَهْلُهُ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَمَرِّهِمْ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قَالَ الطَّحَاوِي: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْأَفْنِيَةَ مَمْلُوكَةً لِأَهْلِهَا؛ إذْ أَجَازَ إجَارَتَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْسُدَ الْبَيْعُ بِشَرْطِهَا. قَالَ: وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ صَلَاحٌ لِلدَّارِ فَهُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهَا؛ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَهُ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِي أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَفْنِيَةَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ كَسَائِرِ الطَّرِيقِ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْأَرْضَ تُمْلَكُ دُونَ الطَّرِيقِ؛ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِالْمَرَافِقِ مِنْ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ هُوَ أَحَقُّ بِفِنَاءِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَد فِي الْكَلَأِ النَّابِتِ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ. . . (١) عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ: مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. . . (٢).
فَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالْجَوَازِ مِنْهُ فِي جَادَّة الطَّرِيقِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اتَّخَذَ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَهَذَا كَالْبَطْحَاءِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَهَا خَارِجَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ يَتَحَدَّثُ وَيَفْعَلُ مَا يُصَانُ عَنْهُ الْمَسْجِدُ. فَلَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا وَلَمْ يَكُنْ كَالطَّرِيقِ بَلْ. . . (٣) اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ فَمِثْلُ هَذِهِ
(١، ٢، ٣) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute