الْآيَةَ وَقَالَ: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. فَالْأَوَّلُ: حَالُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَلَا يَتَّبِعُونَهُ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْيَهُودِ. وَالثَّانِي: حَالُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}. وَكُلُّ مَنْ يُخَالِفُ الرُّسُلَ هُوَ مُقَلِّدٌ مُتَّبِعٌ لِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ اتَّبَعَ الرَّسُولَ بِغَيْرِ بَصِيرَةٍ وَلَا تَبَيُّنٍ وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ بِظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ الْإِيمَانُ إلَى قَلْبِهِ كَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ فِي الْقَبْرِ: مَن رَبُّك؟ (١) وَمَا دِينُك؟ وَمَا نَبِيُّك؟. فَيَقُولُ: هاه هاه لَا أَدْرِي. سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْته - هُوَ مُقَلِّدٌ - فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةِ مِنْ حَدِيدٍ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصُعِقَ؛ أَيْ لَمَاتَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} فَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ وَكَانَ مُسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ: فَهُوَ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ الْمَذْمُومِينَ. فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُقَلِّدَ مَذْمُومٌ - وَهُوَ مَنْ اتَّبَعَ هَوَى مَنْ لَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ - كَاَلَّذِي يَتْرُكُ طَاعَاتِ رُسُلِ اللَّهِ وَيَتَّبِعُ سَادَاتِهِ وَكُبَرَاءَهُ أَوْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ ظَاهِرًا
(١) في المطبوعة " ما ربك " والمثبت من مسند الإمام أحمد ٤/ ٢٨٧، ٢٨٨
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute