مُخْتَصًّا وَفَوَّضَ بَعْضَ الْحُكَّامِ قُضَاةَ الْقُضَاةِ أَعَزَّهُمْ اللَّهُ بِدِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ لِأَهْلِ كَانَ النَّظْرُ الْمَذْكُورُ بِمُقْتَضَى مَا رَآهُ مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ يَجُوزُ لِحَاكِمِ آخَرَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بَعْضِ مَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ قَادِحٍ؟
فَأَجَابَ:
لَيْسَ فِي اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِمَذْهَبِ مُعَيَّنٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا حَاكِمٌ عَلَى غَيْرِ الْمَذْهَبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَاكِمُ الْبَلَدِ وَمِنْ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ النَّظْرُ وَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَقِفُونَ الْأَوْقَافَ وَيَشْرُطُونَ أَنْ يَكُونَ النَّظْرُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْعِ فِي الْوُقُوفِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ يُعَيِّنْ وَلِيُّ الْأَمْرِ لَهَا نَاظِرًا خَاصًّا وَفِي الْوُقُوفِ الْخَاصَّةِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ. ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْحَاكِمُ وَقْتَ الْوَقْفِ لَهُ مَذْهَبٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْحَاكِمِ مَذْهَبٌ آخَرُ. . كَمَا يَكُونُ فِي الْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُوَلُّونَ قُضَاةَ الْقُضَاةِ تَارَةً لِحَنَفِيِّ وَتَارَةً لِمَالِكِيِّ وَتَارَةً لِشَافِعِيِّ وَتَارَةً لِحَنْبَلِيِّ. وَهَذَا الْقَاضِي يُوَلِّي فِي الْأَطْرَافِ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ تَارَةً وَمَنْ يُخَالِفُهُ أُخْرَى وَلَوْ شَرَطَ الْإِمَامُ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ شَرَطَ الْحَاكِمُ عَلَى خَلِيفَتِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مُعَيَّنٍ بَطَلَ الشَّرْطُ وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute