للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامُهُمْ فِيهَا أَتَمَّ وَأَجْمَعَ وَأَبْيَنَ وَهَذَا يَعْرِفُهُ كُلُّ عَاقِلٍ وَفَاضِلٍ؛ وَأَمَّا مَا لَا يُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ كَالْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَعُلُومِ الدِّيَانَاتِ: فَهَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْمِلَلِ وَهَذِهِ مِنْهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ عَقْلِيَّةٌ؛ فَالْآيَاتُ الْكِتَابِيَّةُ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ الرِّسَالَةِ. فَالرُّسُلُ هَدَوْا الْخَلْقَ وَأَرْشَدُوهُمْ إلَى دَلَالَةِ الْعُقُولِ عَلَيْهَا فَهِيَ عَقْلِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَلَيْسَ لِمُخَالِفِ الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ لَمْ تُعْلَمْ إلَّا بِخَبَرِهِمْ؛ فَإِثْبَاتُ خَبَرِهِمْ بِهَا دَوْرٌ؛ بَلْ يُقَالُ بِعَدَالَتِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَتَبْيِينِهِمْ لِلْمَعْقُولِ: صَارَتْ مَعْلُومَةً بِالْعَقْلِ وَالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ وَالْأَقْيِسَةِ الْعَقْلِيَّةِ. وَبِهَذِهِ الْعُلُومِ: يُعْلَمُ صِحَّةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ خَالَفُوهُ. (النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا بِخَبَرِ الرُّسُلِ فَهَذَا يُعْلَمُ بِوُجُوهِ: - مِنْهَا: اتِّفَاقُ الرُّسُلِ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ وَلَا اتِّفَاقٍ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ الْمُخْبِرَ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا خَبَرُهُ مُطَابِقًا لِمَخْبَرِهِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ خَبَرُهُ مُطَابِقًا لِمَخْبَرِهِ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا فَإِذَا قُدِّرَ عَدَمُ الْخَطَأِ وَالتَّعَمُّدِ: كَانَ خَبَرُهُ صِدْقًا لَا مَحَالَةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ عَنْ عُلُومٍ طَوِيلَةٍ فِيهَا تَفَاصِيلُ كَثِيرَةٌ: لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ خَطَؤُهُمْ وَأَخْبَرَ غَيْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ الْجَزْمِ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَاطَآ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُمْكِنُ الْكَذِبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ: أَفَادَ خَبَرُهُمَا الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ