بِهِ كَلَامُهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُطْلَقَةِ أَوْ الْعَامَّةِ؛ فَإِنَّ مَثَلَ هَذَا مَثَلُ رَجُلٍ نَظَرَ فِي وَقْفٍ قَدْ قَالَ وَاقِفُهُ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمِنْ شَرْطِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ أَوْ عُدُولًا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ: هَدَّا الْكَلَامُ مُتَعَارِضٌ: لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ قَدْ وَقَفَ عَلَى الْجَمِيعِ وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِتَخْصِيصِ الْبَعْضِ ثُمَّ يَجْعَلُ هَذَا مِنْ " بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ " وَمِنْ " بَابِ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ " فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ خَبْطٌ؛ إذْ التَّعَارُضُ فَرْعٌ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّلَالَةِ وَالِاسْتِقْلَالُ بِالدَّلَالَةِ فَرْعٌ عَلَى انْقِضَاءِ الْكَلَامِ وَانْفِصَالِهِ فَأَمَّا مَعَ اتِّصَالِهِ بِمَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ فَلَا يَجُوز جَعْلُ بَعْضِهِ دَلِيلًا مُخَالِفًا لِبَعْضِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُنَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ. يَجُوز أَنْ يَكُونَ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْوَقْفَ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَقِيَ؛ وَأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ فِي وَسَطِهِ؛ فَإِنَّ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَدْ خَرَّجَ فِي قَوْلِهِ: عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ؛ كَالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِ: عَلَى أَوْلَادِي الثَّلَاثَةِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ. أَحَدُهَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ - أَنَّهُ يَكُونُ لِلْبَاقِينَ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ؛ كَمَا لَوْ انْقَرَضَتْ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute