للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} فَإِنَّهُ لَيْسَ لِجَمِيعِ الْأَزْوَاجِ نِصْفُ مَا تَرَكَ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ مَا تَرَكَتْ زَوْجَتُهُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} إنَّمَا مَعْنَاهُ اتَّبَعَ كُلُّ وَاحِدٍ ذُرِّيَّتَهُ؛ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ اتَّبَعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْآبَاءِ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ: مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: النَّاسُ فِي دِيَارِهِمْ وَمَعَ أَزْوَاجِهِمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيُنْفِقُونَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. ثُمَّ الَّذِي يُوَضِّحُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَوِيٌّ فِي الْوَقْفِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ. أَحَدُهَا: أَنَّ أَكْثَرَ الْوَاقِفِينَ يَنْقُلُونَ نَصِيبَ كُلِّ وَالِدٍ إلَى وَلَدِهِ لَا يُؤَخِّرُونَ الِانْتِقَالَ إلَى انْقِضَاءِ الطَّبَقَةِ؛ وَالْكَثْرَةُ دَلِيلُ الْقُوَّةِ؛ بَلْ وَالرُّجْحَانِ. الثَّانِي: أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ يُقْصَدُ بِهِ غَالِبًا أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْرُوثِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْأَكْبَرَ انْتِفَاعُ الذُّرِّيَّةِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُهُمْ إذْهَابَ عَيْنِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِيرَاثِ هُنَا شَبَهٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوَلَدِ فِيهِمَا. ثُمَّ مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَوْ أُطْلِقَتْ فِي الْمِيرَاثِ كَمَا أَطْلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}