للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى} إلَى قَوْلِهِ: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} إلَى قَوْلِهِ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} وَقَوْلُهُ {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} {وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وَقَالَ {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} . فَبَيَّنَ أَنَّهُ تَارِكٌ آثَارَ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبَيْنِ لِلْمُشَاهَدَةِ وَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى عُقُوبَةِ اللَّهِ لَهُمْ وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ} الْآيَتَيْنِ. فَذَكَرَ طَرِيقَيْنِ يُعْلَمُ بِهِمَا ذَلِكَ.

أَحَدُهُمَا: مَا يُعَايَنُ وَيُعْقَلُ بِالْقُلُوبِ.

وَالثَّانِي: مَا يُسْمَعُ. فَإِنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ حَالُ الْأَنْبِيَاءِ وَمُصَدِّقُهُمْ وَمُكَذِّبُهُمْ وَعَايَنُوا مِنْ آثَارِهِمْ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَاقَبَ مُكَذِّبَهُمْ وَانْتَقَمَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الَّذِي يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَأَنَّ مَنْ كَذَّبَهُمْ كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ الَّذِي يَغْضَبُ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَأَنَّ طَاعَةَ الرُّسُلِ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَمَعْصِيَتَهُمْ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ. وَمِنْ الطُّرُقِ أَيْضًا أَنْ يُعْلَمَ مَا تَوَاتَرَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِمْ الْبَاهِرَةِ وَآيَاتِهِمْ الْقَاهِرَةِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْمُعْجِزَةُ عَلَى يَدِ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ وَهُوَ كَذَّابٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاقُضٍ وَلَا تَعَارُضٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ؛ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.