للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى جَمِيعِهَا أَوْ إلَى بَعْضِهَا. وَقَدْ اعْتَرَفَ مَنْ فَصَلَ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ أَطْلَقُوا هَذَا الْكَلَامَ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَصَلَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى الْأَئِمَّةِ إلَّا مَا قَالُوهُ. وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَن زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا ثُمَّ بَكْرًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ. عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَضْرِبَن هَذَا ثُمَّ هَذَا ثُمَّ هَذَا. أَوْ قَالَ: لَآخُذَن الدِّيَةَ لَأَذْبَحَن الشَّاةَ. لَأَطْبُخَنهَا. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ. وَأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِمَا يَقْتَضِي تَرْتِيبَهَا فَالصَّرْفُ إلَى جَمِيعِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ بَعْضُ النَّظَرِ وَالْغُمُوضِ فَإِنَّ انْصِرَافَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الَّذِينَ يَلِيهِمْ الِاسْتِثْنَاءُ مَقْطُوعٌ بِهِ وَانْعِطَافُهُ عَلَى جَمِيعِ السَّابِقِينَ. وَالْعَطْفُ بِالْحَرْفِ الْمُرَتَّبِ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ. وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ نَصًّا وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُغَيِّرُهُ: وَجَبَ تَقْرِيرُ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهُ لِمُحْتَمَلِ مُتَرَدِّدٍ. فَنَقُولُ: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ؛ فَإِنَّ انْعِطَافَهُ عَلَى جَمِيعِ السَّابِقِينَ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَطْفُ بِحَرْفِ مُرَتَّبٍ أَوْ مُشْتَرِكٍ غَيْرِ مُرَتَّبٍ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ دَلِيلُ مَنْ أَوْجَبَ قَصْرَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ.