للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَاتِ الرَّبِّ كَمَا يَقُولُونَ ذَلِكَ: فِي الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ الْفَلَكِيَّةِ وَيَزْعُمُ مَنْ دَخَلَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ فِيهِمْ أَنَّهَا هِيَ الْمَلَائِكَةُ. وَصِنْفٌ مِنْ زَنَادِقَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَضُلَّالِهَا مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ وَالْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُحَدِّثَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا مِنْ ذَاتِ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ أَشَرُّ قَوْلًا مِنْ أُولَئِكَ وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْآدَمِيَّ نِصْفَيْنِ: نِصْفٌ لَاهُوتٌ وَهُوَ رُوحُهُ. وَنِصْفٌ نَاسُوتُ وَهُوَ جَسَدُهُ: نِصْفُهُ رَبٌّ وَنِصْفُهُ عَبْدٌ. وَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ النَّصَارَى بِنَحْوِ مَنْ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمَسِيحِ فَكَيْفَ بِمَنْ يُعِمُّ ذَلِكَ فِي كُلِّ أَحَدٍ؟ حَتَّى فِي فِرْعَوْنَ: وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَكُلُّ ما دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ وَمَالِكُهُ وَإِلَهُهُ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رُوحَهُ مَخْلُوقَةٌ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَدَنِ وَالرُّوحِ مَعًا بَلْ هُوَ بِالرُّوحِ أَخَصُّ مِنْهُ بِالْبَدَنِ وَإِنَّمَا الْبَدَنُ مَطِيَّةٌ لِلرُّوحِ كَمَا قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ. إنَّمَا بَدَنِي مَطِيَّتِي فَإِنْ رَفَقْت بِهَا بَلَّغَتْنِي وَإِنْ لَمْ أَرْفُقْ بِهَا لَمْ تُبَلِّغْنِي. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ منده وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا تَزَالُ الْخُصُومَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَخْتَصِمَ الرُّوحُ وَالْبَدَنُ فَتَقُولُ الرُّوحُ لِلْبَدَنِ: أَنْتَ عَمِلْت السَّيِّئَاتِ: فَيَقُولُ الْبَدَنُ لِلرُّوحِ: أَنْتِ أَمَرْتنِي؛ فَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا يَقْضِي بَيْنَهُمَا؛ فَيَقُولُ: إنَّمَا مَثَلُكُمَا كَمَثَلِ مُقْعَدٍ وَأَعْمَى دَخَلَا بُسْتَانًا؛ فَرَأَى الْمُقْعَدُ فِيهِ ثَمَرًا مُعَلَّقًا؛ فَقَالَ لِلْأَعْمَى: إنِّي أَرَى ثَمَرًا وَلَكِنْ