وَالنِّكَاحِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ جَوَازَ الْإِبْدَالِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ مَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ. وَلَا نِكَاحُ مَنْ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا. وَهَذَا يُشْبِهُ مَا لَوْ أَهْدَى مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا؛ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ هَدْيًا وَكَذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ. وَكَلَامُ أَحْمَد يَدُلُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى؛ لَا عَلَى الثَّانِيَةِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَبَاحَ أَحْمَد أَنْ يُشْتَرَى بِفِضَّةِ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ سَرْجًا وَلِجَامًا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ لَهُمَا فِي جِنْسِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا فِيهِ. فَأَشْبَهَ الْفَرَسَ الْحَبِيسَ إذَا عَطِبَ فَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي الْجِهَادِ جَازَ بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ. قَالَ: وَلَمْ يَجُزْ إنْفَاقُهَا عَلَى الْفَرَسِ لِأَنَّهُ صَرَفَ لَهَا إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا. وَأَبُو مُحَمَّدٍ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعَطُّلِ النَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَعَطَبِ الْفَرَسِ وَخَرَابِ الْوَقْفِ؛ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا إذَا تَعَطَّلَ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْفَ الْحِلْيَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ الخرقي وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا. وَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْمَذْهَبَ قَوْلًا وَاحِدًا فِي صِحَّةِ وَقْفِهِ. وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ فَيَجْعَلُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا؛ بَلْ وَيَذْكُرُونَ النُّصُوصَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. بِحَسَبِ مَا بَلَغَهُمْ مِنْ نَصِّهِ. قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ وَقَفَ الْحُلِيَّ عَلَى الْإِعَارَةِ وَاللُّبْسِ؟ فَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ: لَا يَصِحُّ وَأَنْكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي وَقْفِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الخرقي جَوَازُ وَقْفِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. وَقَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ. يَعْنِي لَا يَصِحُّ الْحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute