للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمُعَيَّنُ بِالنَّذْرِ إذَا قِيلَ إنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ؛ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالذَّبْحِ وَالتَّفْرِيقِ فَكَذَلِكَ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْإِبْدَالِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ يَشْتَرِي بِهِ بَدَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ. فَكَوْنُهُ خَارِجًا عَنْ مِلْكِهِ لَا يُنَاقِضُ جَوَازَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِوِلَايَةِ شَرْعِيَّةٍ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: يَمْلِكُهُ صَاحِبُهُ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ. فِي ذَلِكَ وَفِي نَظَائِرِهِ؟ كَقَوْلِهِ: الْعَبْدُ يَمْلِكُ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَأَهْلُ الْحَرْبِ هَلْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَا يَمْلِكُونَهَا وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هَلْ يَمْلِكُ الْوَقْفَ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ؟ إنَّمَا نَشَأَ فِيهَا النِّزَاعُ بِسَبَبِ ظَنِّ كَوْنِ الْمِلْكِ جِنْسًا وَاحِدًا تَتَمَاثَلُ أَنْوَاعُهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ بَلْ الْمِلْكُ هُوَ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَالشَّارِعُ قَدْ يَأْذَنُ لِلْإِنْسَانِ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ تَصَرُّفٍ وَيَمْلِكُهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ دُونَ هَذَا فَيَكُونُ مَالِكًا مِلْكًا خَاصًّا؛ لَيْسَ هُوَ مِثْلَ مِلْكِ الْوَارِثِ؛ وَلَا مِلْكُ الْوَارِثِ كَمِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ بَلْ قَدْ يَفْتَرِقَانِ. وَكَذَلِكَ مِلْكُ النَّهْبِ وَالْغَنَائِمِ وَنَحْوِهِمَا قَدْ خَالَفَ مِلْكَ الْمُبْتَاعِ وَالْوَارِثِ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَمْلِكُ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةَ. إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا كَمَا يَمْلِكُ الْمُبْتَاعَ؛ بِحَيْثُ يَبِيعُهَا وَيَأْخُذُ ثَمَنَهَا لِنَفْسِهِ وَيَهَبُهَا لِمَنْ يَشَاءُ وَتُورَثُ عَنْهُ مِلْكًا فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ أَنَّهُ انْقَطَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهَا كَمَا يَنْقَطِعُ التَّصَرُّفُ بِالرِّقِّ أَوْ الْبَيْعِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ بَلْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ خَاصٌّ وَهُوَ مِلْكُهُ أَنْ يَحْفَظَهَا وَيَذْبَحَهَا وَيُقَسِّمَ لَحْمَهَا وَيَهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ وَيَأْكُلَ. وَهَذَا الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ لَا يَمْلِكُهُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ غَيْرُهُ.