رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} ". وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " صَلِّ هَاهُنَا " وَقَالَ: {لَوْ صَلَّيْت هُنَا لَأَجْزَأَ عَنْك صَلَاةً - أَوْ كُلَّ صَلَاةٍ - فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ} " فَخَصَّ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَمْ يَقُلْ: صَلِّ حَيْثُ شِئْت وَقَالَ: " {لَوْ صَلَّيْت هَاهُنَا لَأَجْزَأَ عَنْك صَلَاةً فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ} " فَجَعَلَ الْمُجْزَى عَنْهُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَفْضَلِ؛ لَا فِي كُلِّ مَكَانٍ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى الْبَدَلِ إلَّا لِفَضْلِهِ؛ لَا لِكَوْنِ الصَّلَاةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ تَفْضِيلُ مَسْجِدِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ تَفْضِيلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَسْجِدِهِ وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: " {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا} " وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمِ: " {إنَّمَا يُسَافِرُ إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ} ". فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ إلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِرٌّ وَقُرْبَةٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ؛ وَلِهَذَا أَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْأَقْصَى مَعَ أَمْرِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْبَارِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجْزِيه فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ عَيْنَ الْمَنْذُورِ وَأَنْ يَفْعَلَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ عَلَيْهِ مَا نَذَرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الطَّاعَةِ؛ لِقَوْلِهِ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ} وَهُوَ أَمْرٌ أَوْجَبَهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute