قَرْيَةٍ غَيْرِ الْقَرْيَةِ الْأُولَى: إذْ كَانَ جِنْسُ الْمَسَاجِدِ مُشْتَرِكَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَقْفُ فِي قَوْمٍ بِعَيْنِهِمْ أَحَقُّ بِجَوَازِ نَقْلِهِ إلَى مَدِينَتِهِمْ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ حَقٌّ لَهُمْ لَا يُشْرِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَعْد انْقِضَائِهِمْ لِجِهَةِ عَامَّةٍ: كَالْفُقَرَاءِ؛ وَالْمَسَاكِينِ. فَيَكُونُ كَالْمَسْجِدِ. فَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ بِبَلَدِهِمْ أَصْلَحَ لَهُمْ كَانَ اشْتِرَاءُ الْبَدَلِ بِبَلَدِهِمْ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي فِعْلُهُ لِمُتَوَلِّي ذَلِكَ. وَصَارَ هَذَا كَالْفَرَسِ الْحَبِيسِ الَّذِي يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا عَلَى نَاسٍ بِبَعْضِ الثُّغُورِ ثُمَّ انْتَقَلُوا إلَى ثَغْرٍ آخَرَ فَشِرَاءُ الْبَدَلِ بِالثَّغْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَضْمُونٌ أَوْلَى مِنْ شِرَائِهِ بِثَغْرِ آخَرَ. وَإِنْ كَانَ الْفَرَسُ حَبِيسًا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ: كَالْمَسَاجِدِ وَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا: أَنَّ الْوَقْفَ لَوْ كَانَ مَنْقُولًا: كَالنُّورِ وَالسِّلَاحِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ؛ وَهُوَ وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّةِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِمْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَقَرُّ الْوَقْفِ حَيْثُ كَانُوا بَلْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنَ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْقَفَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ. لَكِنْ إذَا صَارَ لَهُ عِوَضٌ: هَلْ يَشْتَرِي بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَنْقُولًا؟ فَأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَذَا الْعِوَضِ فِي بَلَدِ مُقَامِهِمْ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ فِي مَكَانِ الْعَقَارِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لَهُمْ؛ إذْ لَيْسَ فِي تَخْصِيصِ مَكَانِ الْعَقَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute