للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَجُلٌ مَسْمُوعُ الْقَوْلِ عِنْدَ مَخْدُومِهِ إذَا أَعْطَوْهُ شَيْئًا لِلْأَكْلِ أَوْ هَدِيَّةً لِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَةٍ: فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُهَا؟ وَإِنْ رَدَّهَا عَلَى الْمُهْدِي انْكَسَرَ خَاطِرُهُ: فَهَلْ يَحِلُّ أَخْذُ هَذَا أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا} وَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ السُّحْتِ؟ فَقَالَ: هُوَ أَنْ تَشْفَعَ لِأَخِيك شَفَاعَةً فَيَهْدِيَ لَك هَدِيَّةً فَتَقْبَلَهَا. فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ هَدِيَّةً فِي بَاطِلٍ؟ فَقَالَ ذَلِكَ كُفْرٌ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لَا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمَهْدِيِّ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ. وَهَذِهِ مِنْ الرَّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي} وَالرِّشْوَةُ تُسَمَّى " الْبِرْطِيلُ ". " وَالْبِرْطِيلُ " فِي اللُّغَةِ: هُوَ الْحَجَرُ الْمُسْتَطِيلُ فَاهُ. فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ: كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا عَلَى الْآخِذِ وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ كَمَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنِّي لَأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ تُعْطِيهِمْ قَالَ؟ يَأْبَوْنَ إلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ} وَمِثْلُ ذَلِكَ إعْطَاءُ مَنْ أَعْتَقَ وَكَتَمَ عِتْقَهُ أَوْ أَسَرَّ خَبَرًا أَوْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ فَإِعْطَاءُ هَؤُلَاءِ: جَائِزٌ لِلْمُعْطِي حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَخْذُهُ. وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ: