للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ} فَهَذَا اللَّفْظُ فِيهِ تَقْدِيمُ كِتَابَةِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ؛ وَلَكِنْ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ يُكْتَبُ بِحَيْثُ مَضَتْ الْأَرْبَعُونَ. وَلَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَحْفَظْهُ رُوَاتُهُ كَمَا حُفِظَ غَيْرُهُ. وَلِهَذَا شَكَّ أَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ؛ أَوْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ؟ وَغَيْرُهُ إنَّمَا ذَكَرَ أَرْبَعِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ذَكَرَ طَرَفَيْ الزَّمَانِ وَمَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ حَذَفَهُمَا وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ فَقَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ وَأَخَّرَ الْمُقَدَّمَ. أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بِحَرْفِ (ثُمَّ فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ. وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ؛ إمَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأُمُورُ عَقِيبَ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ تَكُونُ عَقِبَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ؛ وَلَا مَحْذُورَ فِي الْكِتَابَةِ مَرَّتَيْنِ؛ وَيَكُونُ الْمَكْتُوبُ (أَوَّلًا فِيهِ كِتَابَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. أَوْ يُقَالُ: إنَّ أَلْفَاظَ هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ تُضْبَطْ حَقَّ الضَّبْطِ. وَلِهَذَا اخْتَلَفَتْ رُوَاتُهُ فِي أَلْفَاظِهِ؛ وَلِهَذَا أَعْرَضَ الْبُخَارِيُّ عَنْ رِوَايَتِهِ وَقَدْ يَكُونُ أَصْلُ الْحَدِيثِ صَحِيحًا وَيَقَعُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ اضْطِرَابٌ فَلَا يَصْلُحُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعَارَضَ بِهَا مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ؛ الَّذِي لَمْ تَخْتَلِفْ أَلْفَاظُهُ؛ بَلْ قَدْ صَدَّقَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ؛ فَقَدَ تَلَخَّصَ الْجَوَابُ أَنَّمَا عَارَضَ الْحَدِيثَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ