للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُعَلِّلُ الْبُطْلَانَ إمَّا بِدَعْوَى التَّشْرِيكِ فِي الْبُضْعِ وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِلَلِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَتْبَاعِهِ. " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ " أَشْبَهُ بِالنَّصِّ وَالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. وَتَنَازَعُوا أَيْضًا فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ مَعَ الْمَهْرِ بِلَفْظِ " التَّمْلِيكِ " و " الْهِبَةِ " وَغَيْرِهِمَا: فَجَوَّزَ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ؛ كَمَالِكِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ نُصُوصُ أَحْمَد؛ وَكَلَامُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ. وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ أَحْمَد كَابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا؛ وَلَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا قَالَ هَذَا قَبْلَ ابْنِ حَامِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِنِكَاحِ الْمَوْهُوبَةِ بِقَوْلِهِ: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ مَا أَحَلَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَالٌ لِأُمَّتِهِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} فَلَمَّا أَحَلَّ امْرَأَةَ الْمُتَبَنِّي لَا سِيَّمَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ ذَلِكَ إحْلَالًا لِلْمُؤْمِنِينَ: دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِحْلَالَ لَهُ إحْلَالٌ لِأُمَّتِهِ وَقَدْ أَبَاحَ لَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ وَتَخْصِيصُهُنَّ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ مَا سِوَاهُنَّ؛ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} أَيْ مِنْ بَعْدِ هَؤُلَاءِ