للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّا مَلَكَتْ الْيَمِينُ مَا شَاءَ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ عَدَدٍ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَاتِ لَا يَجِبُ لَهُنَّ قَسْمٌ وَلَا يَسْتَحْقِقْنَ عَلَى الرَّجُلِ وَطْئًا؛ وَلِهَذَا يَمْلِكُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَأُمِّ امْرَأَتِهِ وَبِنْتِهَا وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مُولِيًا لَمْ يَجِبْ أَنْ يُزَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا. وَالزَّوْجَاتُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ " وَخَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ " فَالْعَدْلُ الَّذِي يُطِيقُهُ عَامَّةُ النَّاسِ يَنْتَهِي إلَى الْأَرْبَعَةِ. وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ قَوَّاهُ عَلَى الْعَدْلِ فِيمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ - عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ - وَهُوَ وُجُوبُ الْقَسْمِ عَلَيْهِ وَسُقُوطَ الْقَسْمِ عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَحَلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِلَا مَهْرٍ. قَالُوا: وَإِذَا كَانَ " تَحْرِيمُ جَمْعِ الْعَدَدِ " إنَّمَا حَرُمَ لِوُجُوبِ الْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ فِي الْمَمْلُوكَةِ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَسَرَّى بِأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ؛ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا كَانَ دَفْعًا لِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ كَمَا يُوجَدُ فِي الزَّوْجَتَيْنِ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَرِّي حَصَلَ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّغَايُرِ مَا يَحْصُلُ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ فَيُفْضِي إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي الشَّرْعِ جَازَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حُرْمَةٌ بِلَا نَسَبٍ أَوْ نَسَبٌ بِلَا حُرْمَةٍ. فَالْأَوَّلُ مِثْلَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَةِ زَوْجِهَا. كَمَا جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيٍّ وَابْنَتِهِ.