للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} وَالتَّحْلِيلُ فِيهِ الْبِغْضَة وَالنُّفْرَةُ؛ وَلِهَذَا لَا يُظْهِرُهُ أَصْحَابُهُ؛ بَلْ يَكْتُمُونَهُ كَمَا يُكْتَمُ السِّفَاحُ. وَمِنْ شَعَائِرِ النِّكَاحِ إعْلَانُهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ} وَلِهَذَا يَكْفِي فِي إعْلَانِهِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تُوجِبُ الْإِشْهَادَ وَالْإِعْلَانَ؛ فَإِذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ بَطَلَ. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَلِيمَةُ عَلَيْهِ وَالنِّثَارُ وَالطِّيبُ وَالشَّرَابُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَاتُ النَّاسِ فِي النِّكَاحِ. وَأَمَّا " التَّحْلِيلُ " فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّلُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ وَلَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ امْرَأَتَهُ؛ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ اسْتِعَارَتُهُ لِيَنْزُوَ عَلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ تَسْمِيَتُهُ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؛ وَلِهَذَا شُبِّهَ بِحِمَارِ الْعَشْرِيَّيْنِ الَّذِي يُكْتَرَى للتقفيز عَلَى الْإِنَاثِ؛ وَلِهَذَا لَا تَبْقَى الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ التَّحْلِيلِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ؛ بَلْ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا نَوْعٌ مِنْ النُّفْرَةِ. وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي التَّحْلِيلِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ يَأْمُرُ بِهِ الشَّارِعَ: صَارَ الشَّيْطَانُ يُشَبِّهُ بِهِ أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِلْإِجْمَاعِ فَصَارَ طَائِفَةٌ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ يَظُنُّونَ أَنَّ وِلَادَتَهَا لِذَكَرِ يُحِلُّهَا أَوْ أَنَّ وَطْأَهَا بِالرِّجْلِ عَلَى قَدَمِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ فَوْقَ سَقْفٍ أَوْ سُلَّمٍ هِيَ تَحْتَهُ يُحِلُّهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُمَا إذَا الْتَقَيَا بِعَرَفَاتِ كَمَا الْتَقَى آدَمَ وَامْرَأَتُهُ أَحَلَّهَا ذَلِكَ. وَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا تَزَوَّجَتْ بِالْمُحَلِّلِ بِهِ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا؛ بَلْ تُمَكِّنُهُ مِنْ أَمَةٍ لَهَا. وَمِنْهُنَّ مَنْ تُعْطِيهِ شَيْئًا وَتُوصِيه بِأَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلِّلُ الْأُمَّ وَبِنْتَهَا. إلَى أُمُورٍ أُخَرَ قَدْ بُسِطَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَّنَّاهَا