الْفُقَهَاءِ يُصَحِّحُونَ وِلَايَةَ الْفَاسِقِ وَأَكْثَرَهُمْ يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ فِي مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ؛ بَلْ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ. فَإِذَا فَرَّعَ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ؛ وَأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِيهِ؛ فَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِلَّ الْحَلَالَ مَنْ يُحَرِّمُ الْحَرَامَ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ الشَّيْءَ حَلَالًا حَرَامًا. وَهَذَا الزَّوْجُ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَوْ مَاتَتْ لَوَرِثَهَا: فَهُوَ عَامِلٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ فَكَيْفَ يَعْمَلُ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَلَى فَسَادِهِ فَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي صِحَّتِهِ فَاسِدًا إذْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي فَسَادِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ يُخَالِفُ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ الشَّيْءِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَافَقَ غَرَضَهُ أَوْ خَالَفَهُ وَمَنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ. وَهَؤُلَاءِ الْمُطَلِّقُونَ لَا يُفَكِّرُونَ فِي فَسَادِ النِّكَاحِ بِفِسْقِ الْوَلِيِّ إلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ وَالتَّوَارُثِ فَيَكُونُونَ فِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُفْسِدُهُ وَفِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُصَحِّحُهُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ وَالْهَوَى وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يَعْتَقِدَ الرَّجُلُ ثُبُوتَ " شُفْعَةِ الْجِوَارِ " إذَا كَانَ طَالِبًا لَهَا وَيَعْتَقِدَ عَدَمَ الثُّبُوتِ إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا أَمْرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ فِي حَالِ نِكَاحِهِ وَبُنِيَ عَلَى فَسَادِ وِلَايَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute