للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا اشْتَرَطَهُ فِي النِّسَاءِ هُنَاكَ. وَهَذَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ النُّورِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} لِأَنَّهُ مَنْ تَزَوَّجَ زَانِيَةً تُزَانِي مَعَ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهُ مَصُونًا مَحْفُوظًا فَكَانَ مَاؤُهُ مُخْتَلِطًا بِمَاءِ غَيْرِهِ. وَالْفَرْجُ الَّذِي يَطَؤُهُ مُشْتَرَكًا وَهَذَا هُوَ الزِّنَا. وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَ زَوْجُهَا يَزْنِي بِغَيْرِهَا لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا مِنْ جِنْسِ وَطْءِ الزَّانِي لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يَزْنِي بِهَا وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا غَيْرُهُ. وَإِنَّ مِنْ صُوَرِ الزِّنَا اتِّخَاذُ الْأَخْدَانِ. وَالْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ قَبْلَ تَوْبَتِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ؛ لَكِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالِاعْتِبَارَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَمَنْ تَأَوَّلَ آيَةَ النُّورِ بِالْعَقْدِ وَجَعَلَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا فَبُطْلَانُ قَوْلِهِ ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ. ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ الدِّيَاثَةِ. وَمَنْ تَزَوَّجَ بَغِيًّا كَانَ دَيُّوثًا بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي الْحَدِيثِ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَخِيلٌ وَلَا كَذَّابٌ وَلَا دَيُّوثٌ} قَالَ تَعَالَى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} أَيْ الرِّجَالُ الطَّيِّبُونَ لِلنِّسَاءِ الطَّيِّبَاتِ وَالرِّجَالُ الْخَبِيثُونَ لِلنِّسَاءِ الْخَبِيثَاتِ وَكَذَلِكَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ خَبِيثَةً كَانَ قَرِينُهَا خَبِيثًا. وَإِذَا كَانَ قَرِينُهَا خَبِيثًا كَانَتْ خَبِيثَةً وَبِهَذَا عَظَّمَ الْقَوْلَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْلَا مَا عَلَى الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعَيْبِ مَا حَصَلَ هَذَا التَّغْلِيظُ. وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ: مَا بَغَتْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ وَلَوْ كَانَ تَزَوُّجُ الْبَغِيِّ جَائِزًا لَوَجَبَ تَنْزِيهُ