للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وَالثَّانِي " يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْجَمِيعِ؛ وَخَرَّجَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: كَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا قَوْلًا فِي مَذْهَبِهِ؛ حَتَّى فِي النِّكَاحِ الْبَاطِلِ؛ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَقُولُونَ بِبُطْلَانِهِ وَزُفَرُ يُصَحِّحُ الْعَقْدَ وَيُلْغِي الْأَصْلَ وَقَدْ خَرَّجَ كِلَاهُمَا قَوْلًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَهَذَا التَّخْرِيجُ مِنْ نَصِّهِ فِي قَوْلِهِ: إنْ جِئْتِنِي بِالْمَهْرِ إلَى وَقْتِ كَذَا؛ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا. فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: رِوَايَةٌ بِصِحَّتِهِمَا. وَرِوَايَةٌ بِفَسَادِهِمَا. وَرِوَايَةٌ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ دُونَ الشَّرْطِ. وَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ إلَيْهِ الْمَهْرَ: فَقَدْ نَصَّ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْلِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ. و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ: أَنَّهُ يَبْطُلُ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَالْمُتْعَةِ وَنِكَاحُ التَّحْلِيلِ الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ الْمَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَمَعَ نَفْيِ الْمَهْرِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَد اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كَالْحَرْبِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَتْبَاعِهِ. وَهَؤُلَاءِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ عُقُودِ النِّكَاحِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَمَا أَبْطَلُوهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا انْتَفَى وَقَعَ النِّكَاحُ؛ وَإِلَّا كَانَ بَاطِلًا: " كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ " وَكَذَلِكَ " نِكَاحُ التَّحْلِيلِ " إذَا قَدَّرَهُ بِالْفِعْلِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُكهَا إلَى أَنْ تُحِلَّهَا. وَأَمَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَنَّك إذَا أَحْلَلْتهَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَكُمَا؛ أَوْ عَلَى أَنَّك تُطَلِّقَهَا إذَا أَحْلَلْتهَا: فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَأَبُو يُوسُفَ يُوَافِقُ الشَّافِعِيَّ عَلَى قَوْلِهِ بِبُطْلَانِهِ.