للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِأَنَّ النِّكَاحَ إذَا قِيلَ بِصِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ: فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ الْمُحَرَّمِ الْفَاسِدِ وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِهِ مَعَ إبْطَالِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إلْزَامًا لِلْعَاقِدِ بِعَقْدِ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ بِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ: إمَّا أَنْ يَلْزَمَ بِإِلْزَامِ الشَّارِعِ؛ أَوْ إلْزَامِ الْعَاقِدِ. فَالْأَوَّلُ كَالْعُقُودِ الَّتِي أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ بِهَا؛ كَمَا أَلْزَمَ الشَّارِعُ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ بِالْإِسْلَامِ وَكَمَا أَلْزَمَ مَنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاجِبَةٌ حَنِثَ فِيهَا بِوَاحِدَةٍ بِالْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ وَكَمَا أَلْزَمَ مَنْ احْتَاجَ إلَى سِوَى ذَلِكَ. . . (١) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ. و " الثَّانِي " الْمُقَابَلَةُ. . . (٢) وَكَمَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ دَيْنُ الْمَدِينِ مَعَ بَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَكَمَا يَلْتَزِمُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ والمتصالحين والمتآجرين بِمَا يَلْتَزِمُهُ لِلْآخَرِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنِّكَاحُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ لَمْ يُلْزِمْ الشَّارِعُ صَاحِبَهُ أَنْ يَعْقِدَهُ بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا هُوَ الْتَزَمَ أَنْ يَعْقِدَهُ مُجَرَّدًا عَنْ الشَّرْطِ. فَإِلْزَامُهُ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ هُوَ وَلَا أَلْزَمَهُ بِهِ الشَّارِعُ إلْزَامٌ لِلنَّاسِ بِمَا لَمْ يُلْزِمْهُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَلِأَنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ أَوْكَدُ مِنْهَا فِي الْبَيْعِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ}. ثُمَّ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} فَالنِّكَاحُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَاقِدُ إلَّا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ


(١، ٢) خرم بالأصل