للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وَالشِّغَارُ " عَلَّلَهُ هُوَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كَالْخَلَّالِ وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِنَفْيِ الْمَهْرِ وَكَوْنِهِ جَعَلَ أَحَدَ الْبُضْعَيْنِ مَهْرًا لِلْآخَرِ وَهَذَا تَعْلِيلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَعَلَّلَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِتَعْلِيلِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. يَبْقَى أَنْ يُقَالَ: فَكَانَ يَنْبَغِي مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَنْ يُخَيَّرَ الْعَاقِدُ بَيْنَ الْتِزَامِ الْعَقْدِ بِدُونِهِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ كَمَا فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ. قِيلَ: إنْ قُلْنَا إنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِصِيغَةِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّرِيحُ فِيهِ وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ - كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَتْبَاعُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد مُوَافَقَةً لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَقُلْنَا إنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِيهِ شَرْطُ الْخِيَارِ دُونَ النِّكَاحِ: ظَهَرَ الْفَرْقُ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُمْكِنُ عَقْدُهُ جَائِزًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ. وَالْمُصَحِّحُونَ لِنِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَالشِّغَارِ أَوْ وَنَحْوِهِمَا قَدْ يَقُولُونَ: مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ نُصَحِّحْهُ؛ فَإِنَّا لَا نُصَحِّحُهُ مَعَ كَوْنِهِ شِغَارًا وَتَحْلِيلًا وَمُتْعَةً وَلَكِنْ نُبْطِلُ شَرْطَ أَصْلِ الْعَقْدِ فِي الْمَهْرِ وَنُبْطِلُ شَرْطَ التَّحْلِيلِ كَذَلِكَ شَرْطُ التَّأْجِيلِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. وَيَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا لَيْسَ فِيهِ شِغَارٌ وَلَا تَحْلِيلٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: إنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ وَلَا تَحِلُّ بِهِ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا؛ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: {لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ} فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يُصَحِّحُونَهُ مَعَ إبْطَالِ شَرْطِ التَّحْلِيلِ فَيَكُونُ نِكَاحًا لَازِمًا وَلَا يُحِلُّونَهَا