للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تُوَافِقُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُمْ خِلَافٌ وَأَمَّا حُذَيْفَةُ فَذَكَرَ أَحْمَد: أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِيَهُودِيَّةٍ. وَقَدْ عَمِلَ بِهَذَا الْمُرْسَلِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ. " وَالْمُرْسَلُ " فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ حُجَّةٌ؛ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَفِي الْآخَرِ هُوَ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَوْ أُرْسِلَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. فَمِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَهَذَا الْمُرْسَلُ نَصٌّ فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْمُتَقَدِّمَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ. قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَإِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ لَا أَنَّهُ الْآنَ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابٌ؛ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلُوا فِي لَفْظِ (أَهْلِ الْكِتَابِ إذْ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابٌ؛ لَا مُبَدَّلٌ وَلَا غَيْرُ مُبَدَّلٍ وَلَا مَنْسُوخٌ وَلَا غَيْرُ مَنْسُوخٍ؛ وَلَكِنْ إذَا كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ ثُمَّ رُفِعَ بَقِيَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ وَهَذَا الْقَدْرُ يُؤَثِّرُ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ بِالْجِزْيَةِ إذَا قُيِّدَتْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَأَمَّا الْفُرُوجُ وَالذَّبَائِحُ: فَحِلُّهَا مَخْصُوصٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُسَنَّ بِهِمْ سُنَّتُهُمْ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ خَاصَّةً كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ هَذَا اللَّفْظِ إلَّا هَذَا الْحُكْمَ وَقَدْ رُوِيَ مُقَيَّدًا: {غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ؛ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ} فَمَنْ جَوَّزَ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ قَاسَ