للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} و " عِبَادَةُ اللَّهِ تَتَضَمَّنُ مَعْرِفَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَالْخُضُوعَ لَهُ؛ بَلْ تَتَضَمَّنُ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ. وَأَصْلُ ذَلِكَ وَأَجَلُّهُ مَا فِي الْقُلُوبِ: الْإِيمَانُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْمَحَبَّةُ لِلَّهِ وَالْخَشْيَةُ لَهُ وَالْإِنَابَةُ إلَيْهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَالرِّضَى بِحُكْمِهِ مِمَّا تَضْمَنُهُ الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا الصَّلَاةُ وَذِكْرُ اللَّهِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} وقَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} فَجَعَلَ السَّعْيَ إلَى الصَّلَاةِ سَعْيًا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ. وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ مُتَضَمِّنَةً لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ مَطْلُوبٌ لِذَاتِهِ وَالنَّهْيِ عَنْ الشَّرِّ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبٌ لِغَيْرِهِ: قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ أَكْبَرُ مِنْ كَوْنِهَا تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؛ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ هُوَ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَا دُمْت تَذْكُرُ اللَّهَ فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ كُنْت فِي السُّوقِ. وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ