فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ} وَقَالَ: {مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَثَبَتَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمِ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَلَبَ الرُّقْعَةَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: الشِّطْرَنْجُ مِنْ الْمَيْسِرِ وَهُوَ كَمَا قَالُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْسِرَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَهُوَ مِنْ الْقِمَارِ وَالْمَيْسِرِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ. وَالنَّرْدُ حَرَامٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضِ أَوْ غَيْرِ عِوَضٍ؛ وَلَكِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ جَوَّزَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَيْسِرِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ فَيُحَرِّمُونِ ذَلِكَ بِعِوَضِ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ؛ وَكَذَلِكَ الشِّطْرَنْجُ صَرَّحَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ بِتَحْرِيمِهَا: مَالِكٌ؛ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمْ. وَتَنَازَعُوا أَيُّهُمَا أَشَدُّ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: الشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ. وَقَالَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ: الشِّطْرَنْجُ أَخَفُّ مِنْ النَّرْدِ؛ وَلِهَذَا تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِي النَّرْدِ إذَا خَلَا عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ؛ إذْ سَبَبُ الشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يَلْعَبُ فِيهَا بِعِوَضِ بِخِلَافِ الشِّطْرَنْجِ فَإِنَّهَا تُلْعَبُ بِغَيْرِ عِوَضٍ غَالِبًا. وَأَيْضًا فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ يُعِينُ عَلَى الْقِتَالِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ صَفِّ الطَّائِفَتَيْنِ. و " التَّحْقِيقُ " أَنَّ النَّرْدَ وَالشِّطْرَنْجَ إذَا لَعِبَ بِهِمَا بِعِوَضِ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ حِينَئِذٍ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute