للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} فَهَذَا فِيهِ أَنَّ النَّفْسَ تَبْلُغُ الْحُلْقُومَ وَأَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ رَجْعُهَا وَبَيَّنَ حَالَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُكَذِّبِينَ حِينَئِذٍ. وَفِي سُورَةِ الْقِيَامَةِ: ذَكَرَ أَيْضًا الْقِيَامَتَيْنِ فَقَالَ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ثُمَّ قَالَ: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} وَهِيَ نَفْسُ الْإِنْسَانِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ النَّفْسَ تَكُونُ لَوَّامَةً وَغَيْرَ لَوَّامَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. بَلْ نَفْسُ كُلِّ إنْسَانٍ لَوَّامَةٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَشَرٌ إلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ وَيَنْدَمُ إمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ فَهَذَا إثْبَاتُ النَّفْسِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَعَادَ الْبَدَنِ فَقَالَ: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} . وَوَصَفَ حَالَ الْقِيَامَةِ إلَى قَوْلِهِ: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} . ثُمَّ ذَكَرَ الْمَوْتَ فَقَالَ {كَلَّا إذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} وَهَذَا إثْبَاتٌ لِلنَّفْسِ وَأَنَّهَا تَبْلُغُ التَّرَاقِيَ كَمَا قَالَ هُنَاكَ: {بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} وَالتَّرَاقِي مُتَّصِلَةٌ بِالْحُلْقُومِ. ثُمَّ قَالَ {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} يَرْقِيهَا وَقِيلَ: مَنْ صَاعِدٌ يَصْعَدُ بِهَا إلَى اللَّهِ؟ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ قَالَ: {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يَرْجُونَهُ وَيَطْلُبُونَ لَهُ رَاقِيًا يَرْقِيهِ وَأَيْضًا فَصُعُودُهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى طَلَبِ مَنْ يَرْقَى بِهَا فَإِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَالرُّقْيَةُ أَعْظَمُ الْأَدْوِيَةِ فَإِنَّهَا دَوَاءٌ