الْعِوَضِ فَهُوَ طَلَاقٌ بِدُونِ الْعِوَضِ؛ وَلَمْ يُقَلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ بِدُونِ الْعِوَضِ بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً. وَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ: فَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ. " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّهُ فَسْخٌ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ؛ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَشْتَرِطُوا لَفْظًا مُعَيَّنًا وَلَا عَدَمَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ؛ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ؛ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ فِي الخلوع بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ؛ لَا لَفْظَ الطَّلَاقِ وَلَا غَيْرِهِ؛ بَلْ أَلْفَاظُهُمْ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ فُسِخَ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ أَصْرَحَ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي مَعْنَاهُ الْخَالِصِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ بَلْ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَأَصْحَابِهِ ذَكَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُلّ ما أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقِ. قَالَ: وَأَحْسَبُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا إنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ.
وَمِنْ هُنَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ والطَّحَاوِي وَنَحْوُهُمَا: أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ نِزَاعًا فِي الْخُلْعِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الظَّنِّ لَا يُنْقَلُ بِهِ مَذَاهِبُ السَّلَفِ وَيُعْدَلُ بِهِ عَنْ أَلْفَاظِهِمْ وَعِلْمِهِمْ؛ وَأَدِلَّتِهِمْ الْبَيِّنَةِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ؛ وَأَمَّا أَحْمَد فَكَلَامُهُ بَيِّنٌ فِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَفْظًا وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ وَهُوَ مُتَّبِعٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute