للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا تَفْتَدِي الْأَسِيرَةُ نَفْسَهَا مِنْ أَسْرِهَا؛ وَهَذَا الْفِدَاءُ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْفَسْخِ أَوْ الْفِدَاءِ وَالسَّرَاحِ؛ أَوْ الْفِرَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِبَانَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ. وَلِهَذَا جَازَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْجُمْهُورِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ: فَيَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَخْتَلِعَهَا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَفْتَدِيَ الْأَسِيرَةَ؛ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْذُلَ الْأَجْنَبِيُّ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ عِوَضًا لِيُعْتِقَهُ؛ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِمَا إذَا كَانَ قَصْدُهُ تَخْلِيصَهَا مِنْ رِقِّ الزَّوْجِ؛ لِمَصْلَحَتِهَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَفْتَدِي الْأَسِيرَ. وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَجْهٌ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: إنَّهُ فَسْخٌ: لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. قَالُوا. لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إقَالَةً؛ وَالْإِقَالَةُ لَا تَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيَّةِ. وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ هُوَ فَسْخٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبَيْنِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ " شَرْحِ الْوَجِيزِ " لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيّ فِي " خِلَافِهِ " وَغَيْرِهِ. وَهَذَا لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَافْتِدَاءِ الْأَسِيرِ وَكَالْبَذْلِ لِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ؛ لَا كَالْإِقَالَةِ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ رَفْعُ مِلْكِ الزَّوْجِ عَنْ رِقِّ الْمَرْأَةِ لِتَعُودَ خَالِصَةً مِنْ رِقِّهِ؛ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ نَقْلَ مِلْكٍ إلَيْهَا؛ فَهُوَ شَبِيهٌ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ؛ وَفَكِّ الْأَسِيرِ؛ لَا بِالْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ فَلِهَذَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ بِدُونِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى؛ وَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ بأكثر مِنْ الصَّدَقَاتِ؛ وَيَجُوزُ أَيْضًا بِغَيْرِ جِنْسِ الصَّدَاقِ وَلَيْسَتْ الْإِقَالَةُ كَذَلِكَ؛ بَلْ