للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيلَ: نَعَمْ. لَكِنَّ لَفْظَ " الْعِدَّةِ " فِي كَلَام السَّلَفِ يُقَالُ عَلَى الْقُرُوءِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرُهُ. وَحِينَئِذٍ فَعُمَرُ وَعَلِيٌّ إنْ كَانَ قَوْلُهُمَا فِي الْمُخْتَلَعَة وَنَحْوِهَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ فَيَكُونَانِ أَرَادَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ. وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ: فَيَكُونُ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّ عُثْمَانَ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّ الْمُخْتَلَعَة تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ. وَإِنْ قِيلَ: بَلْ قَدْ نَقُولُ: تَعْتَدُّ الْمُخْتَلَعَة بِحَيْضَةِ وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ: فَهَذَا الْقَوْلُ إذَا قِيلَ بِهِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ اخْتَلَفَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ هَلْ تُبَاحُ لِلثَّانِي؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا. وَقَالَ عَلِيٌّ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا - يَعْنِي مِنْ الثَّانِي - فَإِنْ شَاءَتْ نَكَحَتْ وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَنْكِحْ. وَلَوْ كَانَ وَطْءُ الثَّانِي كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ لَمْ يَمْنَعْ الْأَوَّلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَوْ وَطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةِ لَمْ يَزَلْ نِكَاحُهُ بِالْإِجْمَاعِ؛ بَلْ يَعْتَزِلُهَا حَتَّى تَعْتَدَّ وَلَوْ وُطِئَتْ الرَّجْعِيَّةُ بِشُبْهَةِ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ الزَّوْجِ شَيْءٌ؟ قِيلَ: أَوَّلًا هَذَا السُّؤَالُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِقَدْرِ الْعِدَّةِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةِ أَوْ كَانَتْ بِتَرَبُّصِ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ. هَذَا وَارِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الزَّوْجَ الْمُطَلِّقَ الَّذِي اعْتَدَّتْ مِنْ وَطْئِهِ إنْ كَانَ طَلَّقَهَا الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ وَأَمَّا إنْ فَارَقَهَا فُرْقَةً بَائِنَةً كَالْخُلْعِ - وَنَكَحَتْ فِي مُدَّةِ اعْتِدَادِهَا مِنْهُ: مِثْلَ أَنْ تَنْكِحَ قَبْلَ أَنْ تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةِ: فَهُنَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا بِعَقْدِ