إنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِي مَنَامِهِ مَنْ يَضْرِبُهُ؛ فَيُصْبِحُ وَالْوَجَعُ فِي بَدَنِهِ وَيَرَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ أُطْعِمَ شَيْئًا طَيِّبًا فَيُصْبِحُ وَطَعْمُهُ فِي فَمِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ. فَإِذَا كَانَ النَّائِمُ يَحْصُلُ لِرُوحِهِ وَبَدَنِهِ مِنْ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ مَا يُحِسُّ بِهِ - وَاَلَّذِي إلَى جَنْبِهِ لَا يُحِسُّ بِهِ - حَتَّى قَدْ يَصِيحُ النَّائِمُ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ؛ أَوْ الْفَزَعِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ وَيَسْمَعُ الْيَقْظَانُ صِيَاحَهُ وَقَدْ يَتَكَلَّمُ إمَّا بِقُرْآنِ وَإِمَّا بِذِكْرِ وَإِمَّا بِجَوَابِ. وَالْيَقْظَانُ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَهُوَ نَائِمٌ عَيْنُهُ مُغْمَضَةٌ وَلَوْ خُوطِبَ لَمْ يَسْمَعْ فَكَيْفَ يُنْكَرُ حَالُ الْمَقْبُورِ الَّذِي أَخْبَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ؟ وَقَالَ: {مَا أَنْتُمْ أَسْمَعُ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ} . وَالْقَلْبُ يُشْبِهُ الْقَبْرَ؛ وَلِهَذَا {قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا} وَفِي لَفْظٍ: {قُلُوبَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا} وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: {بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} وَهَذَا تَقْرِيبٌ وَتَقْرِيرٌ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: ذَلِكَ الَّذِي يَجِدُهُ الْمَيِّتُ مِنْ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ - مِثْلَمَا - يَجِدُهُ النَّائِمُ فِي مَنَامِهِ؛ بَلْ ذَلِكَ النَّعِيمُ وَالْعَذَابُ أَكْمَلُ وَأَبْلَغُ وَأَتَمُّ. وَهُوَ نَعِيمٌ حَقِيقِيٌّ وَعَذَابٌ حَقِيقِيٌّ وَلَكِنْ يَذْكُرُ هَذَا الْمَثَلَ لِبَيَانِ إمْكَانِ ذَلِكَ إذَا قَالَ السَّائِلُ: الْمَيِّتُ لَا يَتَحَرَّكُ فِي قَبْرِهِ وَالتُّرَابُ لَا يَتَغَيَّرُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَهَا بَسْطٌ يَطُولُ وَشَرْحٌ لَا تَحْتَمِلُهُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute