بِيَمِينِ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ؛ وَلَا كَفَّارَةَ فِي هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفُقَهَاءِ فِي عُرْفِهِمْ الْمَعْرُوفِ بَيْنَهُمْ لَا يُسَمُّونَ هَذَا يَمِينًا وَلَا حَلِفًا؛ وَلَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: حَلَفْت بِالطَّلَاقِ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ.
وَأَمَّا " صِيغَةُ الْقَسَمِ " فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا. فَيَحْلِفُ بِهِ عَلَى حَضٍّ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ مَنْعٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عَلَى تَصْدِيقِ خَبَرٍ أَوْ تَكْذِيبِهِ: فَهَذَا يَدْخُلُ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ فَإِنَّ هَذَا يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ فَإِنَّهَا صِيغَةُ قَسَمٍ وَهُوَ يَمِينٌ أَيْضًا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّهَا تُسَمَّى يَمِينًا؛ وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي حُكْمِهَا. فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ غَلَّبَ عَلَيْهَا جَانِبَ الطَّلَاقِ فَأَوْقَعَ بِهِ الطَّلَاقَ إذَا حَنِثَ. وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَّبَ عَلَيْهِ جَانِبَ الْيَمِينِ فَلَمْ يُوقِعْ بِهِ الطَّلَاقَ بَلْ قَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. أَوْ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِحَالِ. وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ فَقَالَ: إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ؛ لَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ اُشْتُهِرَ الْكَلَامُ فِيهِ عَنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالُوا: إنَّهُ أَيْمَانٌ تَجْزِي فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ هَذَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ؛ بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ إنَّمَا عُرِفَ عَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَتَنَازَعُوا فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute