للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَرْوَاحُ مَخْلُوقَةٌ بِلَا شَكٍّ وَهِيَ لَا تَعْدَمُ وَلَا تَفْنَى؛ وَلَكِنَّ مَوْتَهَا مُفَارَقَةُ الْأَبْدَانِ وَعِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ تُعَادُ الْأَرْوَاحُ إلَى الْأَبْدَانِ. وَأَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ طُولُ أَحَدِهِمْ سِتُّونَ ذِرَاعًا. كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ يَكُونُونَ خَدَمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا أَصْلَ لِهَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْجَنَّةَ يَبْقَى فِيهَا فَضْلٌ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ فَيُسْكِنُهُمْ الْجَنَّةَ فَإِذَا كَانَ يُسْكِنُ مَنْ يُنْشِئُهُ مِنْ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ وَلَدِ آدَمَ فِي فُضُولِ الْجَنَّةِ فَكَيْفَ بِمَنْ دَخَلَهَا مَنْ وَلَدِ آدَمَ وَأُسْكِنَ فِي غَيْرِ فُضُولِهَا؟ فَلَيْسُوا أَحَقَّ بِأَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ مِمَّنْ يَنْشَأُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسْكُنُ فُضُولَهَا. وَأَمَّا الْوُرُودُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا} فَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ: {بِأَنَّهُ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ} وَالصِّرَاطُ هُوَ الْجِسْرُ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ صَغِيرًا فِي الدُّنْيَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ. (وَالْوِلْدَانُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الْجَنَّةِ لَيْسُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ بَلْ أَبْنَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا إذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ كَمُلَ خَلْقُهُمْ كَأَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ أَبْنَاءِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ فِي طُولِ سِتِّينَ ذِرَاعًا؛ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَرْضَ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.