للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ الشَّرْطُ فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَشُفِيَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ. فَالْأَصْلُ فِي هَذَا: أَنْ يُنْظَرَ إلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَمَقْصُودِهِ فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْأُمُورُ وَقَعَتْ مُنْجَزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً إذَا قُصِدَ وُقُوعُهَا عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا؛ وَهُوَ يَكْرَهُ وُقُوعَهَا إذَا حَنِثَ وَإِنْ وَقْعَ الشَّرْطُ فَهَذَا حَالِفٌ بِهَا؛ لَا مُوقِعٌ لَهَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ " بَابِ الْيَمِينِ "؛ لَا مِنْ " بَابِ التَّطْلِيقِ وَالنَّذْرِ " فَالْحَالِفُ هُوَ الَّذِي يَلْتَزِمُ مَا يَكْرَهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ؛ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَنِسَائِي طَوَالِقُ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ. فَهَذَا وَنَحْوُهُ يَمِينٌ؛ بِخِلَافِ مَنْ يَقْصِدُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ مِنْ نَاذِرٍ وَمُطَلِّقٍ وَمُعَلِّقٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْصِدُ وَيَخْتَارُ لُزُومَ مَا الْتَزَمَهُ وَكِلَاهُمَا مُلْتَزِمٌ؛ لَكِنَّ هَذَا الْحَالِفَ يَكْرَهُ وُقُوعَ اللَّازِمِ وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَلْزُومُ كَمَا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَإِنَّ هَذَا يَكْرَهُ الْكُفْرَ وَلَوْ وَقَعَ الشَّرْطُ: فَهَذَا حَالِفٌ. وَالْمَوْقِعُ يَقْصِدُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ اللَّازِمِ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ الْمَلْزُومِ؛ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مُرَادًا لَهُ أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ غَيْرَ مُرَادٍ لَهُ. فَهَذَا مُوقِعٌ لَيْسَ بِحَالِفِ. وَكِلَاهُمَا مُلْتَزِمٌ مُعَلِّقٌ؛ لَكِنَّ هَذَا الْحَالِفَ يَكْرَهُ وُقُوعَ اللَّازِمِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَابِرِ التَّابِعِينَ وَعَلَيْهِ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.