وَأَكْثَرِهِمْ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْهَا؛ بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا قَالَ: وَهَذَا لِأَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ شِرْكٌ وَالشِّرْكُ أَعْظَمُ مِنْ الْكَذِبِ. وَالنَّذْرُ لِلْمَخْلُوقَاتِ أَعْظَمُ مِنْ الْحَلِفِ بِهَا فَمَنْ نَذَرَ لِمَخْلُوقِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ وَلَا وَفَاءَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ: مِثْلَ مَنْ يُنْذِرُ لِمَيِّتِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ كَمَنْ يُنْذِرُ لِلشَّيْخِ جاكير. وَأَبِي الْوَفَاءِ أَوْ الْمُنْتَظِرِ أَوْ السِّتِّ نَفِيسَةَ أَوْ لِلشَّيْخِ رَسْلَانَ أَوْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ: زَيْتًا أَوْ شَمْعًا أَوْ سُتُورًا أَوْ نَقْدًا: ذَهَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: فَكُلُّ هَذِهِ النُّذُورِ مُحَرَّمَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجِبُ؛ بَلْ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا يُوفِي بِالنَّذْرِ إذَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ طَاعَةً؛ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ عِبَادَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ إلَّا بِمَا شَرَعَ. فَمَنْ نَذَرَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ أَعْظَمُ مِنْ شِرْكِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ كَالسُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ. وَلَوْ نَذَرَ مَا لَيْسَ عِبَادَةً - كَمَا لَوْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ صَوْمَ أَيَّامِ الْحَيْضِ - لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ الْحَيْضِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِيه} وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُسَافِرَ إلَى قَبْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ شَيْخٍ مِنْ الْمَشَايِخِ؛ أَوْ مَشْهَدِهِ؛ أَوْ مَقَامِهِ أَوْ مَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَ بِنَذْرِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute